رواية ورش عن نافع



تعريف رواية ورش عن نافع:
 هي إحدى الروايات المتواترة التي يُقرأ بها القرآن الكريم. تنسب إلى أبو سعيد عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان والملقب بورش.
ورش هو عثمان بن سعيد 110–197هـ) لقبه نافع بلقب ورش. كان مقرئاً في مصر، ثم رحل إلى المدينة المنورة ليقرأ على نافع، فقرأ عليه ختمات في شهر سنة 155. فرجع إلى مصر وانتهت إليه رئاسة الإقراءفي مصر، فلم ينازعه فيها منازع. مع براعته في اللغة العربية ومعرفته في التجويد. وكان حسن الصوت، قال يونس بن عبد الأعلى: « كان ورش جيد القراءة حسن الصوت. إذا قرأ يهمز ويمد ويشدد ويبين الإعراب، لا يمل سامعه».
الاختلاف عن نافع:
  ذلك أنه كان قد قرأ على شيوخ له في مصر قبل أن يرحل إلى نافع. فلما رحل إلى نافع في المدينة المنوره، قرأ عليه أربع ختمات بأوجه عديدة كان قد تحملها عن شيوخه . فوافق ذلك بعض الأوجه التي كان نافع تحملها عن شيوخه السبعين، فأقره على قراءته. فقالون قد طابقت قراءته اختيار شيخه نافع. أما ورش –وإن كانت قراءته عن نافع عن مشايخه المدنيين– فقد خالفت اختيار نافع. لكن كون نافع أقره على ما وافق بعض مشايخه المدنيين وصح عنده، وكان هذا قد صح كذلك عند ورش عن مشايخه المقيمين في مصر، فيستحيل تواطؤ هؤلاء على الخطأ. ثم وجدنا ورشاً قد صار شيخ قراء مصر بلا منازع في زمانه، فهذا يدل على إقرارهم بإتقانه. هذا مع معرفتهم بقراءة أهل المدينة نتيجة مرورهم بها أثناء الحج، فضلاً عن معرفتهم بقراءة مشايخهم المقيمين في مصر. فلا شك بعد ذلك بتواتر قراءة ورش.
ما معنى رواية ورش  من طريق الأزرق أو الأصبهاني؟
كل من أخذ مباشرة عن أحد القراء السبعة يسمى راويا، و كل من أخذوا عن أحد الرواة يسمون أصحاب طرق.
فمثلا نافع قارئ أخذ عنه ورش و قالون فيسمى كلاهما راو و نقول: رواية ورش عن نافع و رواية قالون عن نافع،
وأخذ عن ورش كل من الأزرق و الأصبهاني فهما إذن طريقان عن ورش.
لذا نقول رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق و ورش عن نافع من طريق الأصبهاني.
خصائص رواية ورش
للتلاوة برواية ورش خصائص وسمات تميزها عن سائر الروايات، وخاصة منها رواية حفص عن عاصم التي تمثل الرواية المشرقية الأكثر انتشارا في انحاء المعمورة. ومن أبرز تلك الخصائص أخذه بطريقة التحقيق .
والتحقيق (1) هو أحد الأنماط الأدائية الثلاثة المأخوذ بها لسائر القراء باختلاف الأحوال، يقول ابن أبي السداد المالقي في "الدر النثير": "يريد بالتحقيق: تمكين الحروف والصبر على حركتها والتثبت في بيانها، ويريد بالحدر الإسراع والهذ، ومذاهب القراء لا بد أن تكون موافقة لما عليه كلام العرب الذي نزل القرآن به، فمن مذهبه من القراء الأخذ بالصبر والتمكين، فإنه يزيد في المد من تلك النسبة، ومن الحدر والإسراع فإنه بتلك النسبة، ومن توسط فعلى حسب ذلك " (2).
ومن هذا يتضح لنا أن مفهوم التحقيق هو قدر زائد على التمكين المعتاد للحروف والحركات وحروف المد وتحكمه الرواية، وأما إعطاء الحرف حقه من التمكين مطلقا بمعنى توفيته ما يستحقه من البيان دون اعتبار هذا القدر الزائد، فهو حكم مشترك بين سائر الروايات عن ورش وغيره... وهذا الأسلوب من الأخذ في القراءة مأثور عن نافع، وكان يؤثره على الحدر دون أن يبلغ به حد الإفراط. ما الفرق بين قراءتي حفص وورش؟
إن للقرآن عدّة قراءات يكمن الاختلاف بينها أساسا في كيفيّـة نطق بعض الكلمات (كالكلمات المهموزة، فحفص ينطق بالهمز وورش لا ينطق بها مثلا: المومنون/ المؤمنون، الارض،/:الأرض، الايمان/الإيمان وهكذا..). كما يوجد اختلاف بينها في تقسيم السور إلى آيات وينتج على ذلك في بعض الأحيان اختلاف في عدد آيات السور من قراءة لأخرى.
والاختلاف بين قراءتي حفص وورش يرجع بالأساس إلى اختلاف الطريق الذي أخذ منه كلٌّ منهما، فحفص أخذ عن عاصم، وورش أخذ عن نافع. وكلُّ قارئٍ من هؤلاء القرَّاء له طريقه بسنده المتَّصل المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم..
وجوانب الاختلاف في قراءتي الإمامين حفص وورش كثيرة ومتعددة، سواءً في الكلمات أو في نطقها أو في تجويدها، وهذه بعض أوجه تلك الاختلافات:
*- ظاهرة الهمزة في قراءة ورش
يعد باب الهمز من أوسع الأبواب مباحث وأكثرها تنوعا وأصعبها تحليلا وتعليلا كما نبه إلى ذلك غير واحد من علماء هذا الشأن. كما أن ظاهرة الهمزة تشكل أبرز ظاهرة صوتية في قراءة ورش عن نافع، إذ كان يميل إلى تسهيلها في مواطن، وحذفها في مواطن أخر وأحيانا يقلب الياء همزة.
ومن الظواهر التي يتفرد بها ورش في هذا الباب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها: إذ يعتبر هذا الأصل من مميزات رواية ورش عند المغاربة، وقد بلغ من رسوخ الأخذ به عندهم أنه تجاوز مستوى القراءة إلى مستوى الاستعمال اليومي في أدبهم الفصيح ولغتهم العادية ..
وقد تفرد به ورش عن نافع عن سائر الرواة عنه إلا في كلمات قليلة رويت عن نافع بالنقل وتركه.
*- الياء: الياء التي بعدها همزة قطعٍ مفتوحة: فورش يقرؤها بالفتح، مثل قول الله تعالى: (وقال ربِّ أوزعن يَ أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديّ)،أما حفص فيقرؤها بالتسكين (أوزعنيْ أن أشكر)،
- وكذلك الياء التي بعدها همزة قطعٍ مكسورة: فإن ورشا يقرؤها بالفتح مثل قول الله تعالى: (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتيَ إنَّ ربِّي لطيفٌ لما يشاء إنَّه هو العليم الحكيم)، وقرأها حفصٌ بالتسكين (وبين إخوت يْ إنَّ ربِّي)...
*- هاء الكناية: المراد بهاء الكناية عند القراء الهاء الدالة على المفرد المذكر الغائب نحو له وبه وفيه ومنه وكتبه ورسله واجتباه وهداه وخذوه فغلوه (3)، وهي إما أن تتوسط بين حركتين، وإما بين ساكنين، وإما أن يتقدمها ساكن أو يتأخر عنها.
وأصل ورش فيها في التلاوة المغربية أنها إذا توسطت بين حركتين وصلها بواو في حالة الضم، وبياء في حالة الجر، وذلك نحو (إنه على رجعهِ لقادر يوم تبلى السائر فما لهُ من قوة ولا ناصر) (وما أنزلنا على قوم هِ من بعد هِ من جند من السماء وما كنا منزلين).
أما إذا جاء بعدها حرف ساكن فإن حفصا وورشا -ومعظم القراء- يحذفون الصلة، فلا تُمدُّ الهاء مدًّا طبيعيًّا إذ التقاؤها بالحرف الساكن يمنعها من المدّ، مثل قول الله تعالى: (يعلمهُ الله)، و(عليهُ الله)، إلا في حالةٍ واحدةٍ عند حفص -ويوافقه فيها من القراء ابن كثير- وهي قول الله تعالى: (ويخلد فيهِ مهانا)، فقد قرأها حفص بالوصل، وهي بحذف الصلة عند ورش.
* - المد: هو امتداد الصوت بالحرف بالزيادة فيه لموجب اقتضى مده، وضده القصر، وهو حبس الصوت عن الامتداد. مثاله، في قول الله تعالى: (مالك يوم الدين)، قرأها حفصٌ بإثبات المدِّ (مالك، وقرأها ورش (ملك) بدون مدّ. ويختص المد بحروف ثلاثة تسمى "حروف المد واللين"، وهي الألف الساكنة، والياء المكسورة ما قبلها والواو المضموم ما قبلها (4) .
وقد قيل عن ورش من بين سائر القراء إنه كان "يحب المد"، وإنما جاءت محبته للمد نتيجة لطريقته المفضلة في الأداء القائمة على أخذه في روايته بطريقة "التحقيق". لذلك نجد له فيه خصوصيات انفرد بها أو انفرد على الأقل بزيادة مقدارها في التمكين.
حتى أضحى التمسك بهذا الأصل في المد من مميزات هذه التلاوة المغربية، بل إننا نجده قد دخل في الاستعمال حتى في غير القراءة كما نجد مثلا فيما نسمعه في المساجد من التأمين خلف الإمام بصوت واحد بلفظ "ءامين" بمد الهمزة مدا قد يبلغ به الأكثرون مرتبة الإشباع، وكما نسمعه في د عاء الختم بقولهم: (ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) بمدات متساوية في المواضع الثلاثة، وقولهم "وعلى ءاله" بالتسوية بين المدتين. (5)
*- يقوم ورش بروايته بمد المد المتصل والمنفصل مدا مطولا 6 حركات أي 3 ثوانٍ وجوبا كالمد اللازم المثقل وذلك على أحوال المد كلها سواء كان مد صلة كبرى أو صغرى أو ميم جمع مضمومة بعدها همزة قطع وأما المد الطبيعي فيمده بمقدار حركتين أي ثانية واحدة فقط
*- . يمد ورش كلمة أنا مقدار 6 حركات أي 3 ثوانٍ وجوبا اذا وقع بعدها همز مفتوح مثل قوله تعالى في سورة يوسف "أنا أخوك" أو همز مضموم مثل قوله تعالى أيضا في سورة يوسف "أنا أنبئكم" ولا يمدها اذا وقع بعدها همز مكسور أو حرف متحرك مثل "أنا إلا" لا تمد وايضا "أنا خير منه" لا تمد.
*ـ ميم الجمع: هي الميم الزائدة على أصل الكلمة للدلالة على جمع الذكور نحو بهم وعليكم وأنتم وخلقكم ودعاءكم ويراد بها في اصطلاح القراء وأهل العربية الميم المتطرفة لا الواقعة حشوا وسط الكلمة مما يفيد الجمع أيضا نحو "واتخذتموه" و"قدمتموه لنا" و"إذ اعتزلتموهم" ـ الميم الأولى ـ و"أنلزمكموها" الميم الثانيةـ.
وأصل ورش فيها الإسكان كسائر من يقرأ به في الوصل والوقف من القراء، وذلك عنده ما لم تلق همزة قطع أو همزة وصل، فإن لقيت همزة قطع نحو "عليهم ءانذرتهم أم لم" ومنهم أميون" و"فزادتهم إيمانا" فإن ورشا يضمها ويصلها بواو ويمدها لأجل الهمزة.
وقد أشار أبو علي الفارسي في الجحة إلى انفراد ورش بهذا الأصل عن سائر القراء السبعة والرواة عنهم فقال: فأما ما انفرد به ورش في روايته عن نافع من أن الهاء مكسورة والميم موقوفة، إلا أن تلقى الميم ألف أصيلة فعل "سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يومنون" فالقياس فيها إذا لقبت غيرها سواء. وكأنه أحب الأخذ باللغتين مثل "لا يألتكم" و"لا يلتكم". ثم قال بعد توجيه روايته هذه ناقلا عن أبي الحسن يعني الأخفش إنما وقعت هذه القراءة بالمد ليفهموا المتعلمين فيمدوا الهمزة إذا كانت قبلها ألف أو واو نحو "حتى إذا" ونحو "قالوا ءانت" قال: والعرب تفعل هذا في حال التطريب وإذا أراد أحدهم الرقة والترتيل" (6)
*- النون الساكنة والتنوين
النون حرف من حروف الهجاء "تخرج من المخرج السادس من مخارج الفم فوق اللام قليلا أو تحتها قليلا على الاختلاف في ذلك "(7)، والنون التي تتعلق بها أحكام هذا الباب هي النون الساكنة، وتقع وسطا وطرفا. والتنوين نون مزيدة ساكنة تلحق أواخر الأسماء، "وسموها تنوينا ليفرقوا بينها وبين النون الزائدة المتحركة التي تكون في التثنية والجمع" (Cool . مثل قول الله تعالى: (ن والقلم وما يسطرون) قرأها ورشٌ عند الوصل بإظهار النون، وقرأها حفصٌ عند الوصل بالإدغام.
من خلال ما سبق يتبين لنا بشكل جلي تميز المغاربة في مجال القراءات القرآنية. فقد كانت لقراءة نافع في هذا البلد شأن خاص، ومنزلة مرموقة ساهمت في بلورة الشخصية المغربية إلى جانب المذهب المالكين المذهب الفقهي الرسمي المعتمد منذ الفتح الإسلامي. فأضحت بذلك شعارا للشخصية المغربية، وعنصرا بارزا من عناصر هذه الشخصية.
الهوامش:
(1)- انظر مزيدا من التفصيل في كتاب: قراءة الإمام نافع عند المغاربة من رواية أبي سعيد ورش، مقوماتها البنائية وم دارسها الأدائية إلى نهاية القرن العاشر الهجري، تأليف د. عبد الهادي حميتو،الجزء الخامس، ص7 وما بعدها.
(2)- الدر النثير والعذب النمير...لعبد الواحد بنمحمد بن أبي السداد 2/216ـ217. تحقيق أحمد بن عبد الله أحمد المقري. نشر دار الفتوى للطباعة والنشر، جدة: 1411هـ/1990م.
(3)- ينظر لمزيد من المعلومات بحث "هاء الكناية والدرس الصوتي المطبق "في القرآن الكريم" للدكتور التهامي الراجي الهاشمي المنشور بمجلة دار الحديث الحسنية بالرباط العدد 6ـ 1408هـ ـ1988م.
(4)- ينظر في ذلك "الفجر الساطع" لابن القاضي لوحة 46.
(5) - انظر تفصيل باب المد في كتاب: قراءة الإمام نافع عند المغاربة من رواية أبي سعيد ورش، مقوماتها البنائية وم دارسها الأدائية إلى نهاية القرن العاشر الهجري، تأليف د. عبد الهادي حميتو، ج5/67 وما بعدها.
(6) - الحجة للقراء السبعة أئمة الاعلام، لأبي الحسن بن عبد الغفار الفارسي 1/107-108، نقلا عن كتاب قراءة نافع عند المغاربة، الجزء الخامس/ص 49 وما بعدها.
(7)- الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة أبي محمد مكي بن أبي طالب 193. مكتبة نهضة مصر، القاهرة: 1404هـ/1984م.الإقناع لابن الباذش 1/246.
تابع القراءة Résumé abuiyad

خصائص قراءة الإمام نافع المدني



 الإمام نافع  بن أبي نعيم المدني إمام المدينة وأحد القراء السبعة المشهورين
له عدة رواة أشهرهم : 
قالون : عيسى بن مينا المدني
  وروايته يقرأ بها أهل ليبيا ولهم مصحف متداول بروايته من طريق أبي نشيط
كما يُقرأ بها في المناطق المجاورة مثل شمال التشاد وشرق تونس
  ورش : أبو سعيد عثمان بن سعيد المصري
   وروايته من طريق يوسف الأزرق يقرأ بها أهل المغرب قاطبة يحافظون عليها ويتقنونها
كما يقرأ بها القطر الجزائري والموريطاني والسنغالي وبعض بلدان افريقيا السوداء المجاورة

قال الإمام الشاطبي رحمه الله معرفا بالبدر نافع وراوييه :
فَأمَّا الكَرِيمُ السِّرِّ فِي الطِّيبِ نَافِعٌ ***** فَذَاكَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَدِينَةَ مَنْزِلاَ
وَقَالُونُ عِيسَى ثُمَّ عُثْمَانُ وَرْشُهُمْ ***** بِصُحْبَتِهِ الْمَجْدَ الرَّفِيعَ تَأَثَّـلاَ

قرأ نافع على سبعين من التابعين منهم يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح وعبد الرحمن بن هرمز
وقرأ هؤلاء على عبد الله بن عباس وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب
وقرأ ابي بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان نافع رحمه الله إماما عارفا بوجوه القراءات
انتهت إليه رياسة الإقراء في المدينة المنورة وأجمع الناس عليه بعد التابعين
وكان يقرئ الناس بالقراءات كلها حتى إذا جاء من يطلب حرفه أقرأه به
اختص الإمام نافع في قراءته ببعض الأصول والفروع لم يشاركه فيها أحد من القراء السبعة
وهذه أبرز إن لم تكن كل الخصائص التي انفردت بها قراءته مع شواهدها من الشاطبية
ولمحة مختصرة لتوجيهها أسأل الله تعالى أن يجعله عملا متقبلا خالصا ، وأن ينفع به .
اختص الإمام نافع بقراءة :
{ يُغفَـر لكم } في قوله تعالى :

{ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً
وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ يُـغْفَرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }البقرة/58

ا ختص الإمام نافع بالقراءة بالياء المضمومة وفتح الفاء على التذكيرفي:
{ يُـغْـفَرْ } لأنه لما فرق بين المؤنث وفعله قام التفريق مقام التأنيث وحسُن التذكير
وإن كان قبله إخبار عن الله تعالى في قوله : {وإذ قلنا } لأنه قد عُلِم
أن ذنوب الخاطئين لايغفرها إلا الله تعالى , فاستُغني عن النون
وَرَدَّ الفعل إلى الخطايا المغفورة .

قال الشاطبي مشيرا لقراءة نافع في هذا اللفظ :
( وذ كّر هنا أصلا .....)
أي أن المشار إليه بالهمزة في قوله ( أصلا) وهو رمز نافع قرأ بالتذكير
ومن خصائص قراءة إمامـنا نافـع:

{ مِيكَآئِلَ } في قوله تعالى :
{ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَآئِلَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } البقرة/98.
قرأ نافع وحده بدون ياء بعد الهمزة , وهي لغة من لغات هذا الإسم .

قال الشاطبي :
( ودع ياء ميكائيل والهمز قبله ـــ على حجة والياء يحذف أجملا )
أي المشار لهما بالعين والحاء يحذفان الياء والهمزة من { ميكائيل }
ونافع المشار إليه بالهمزة من ( أجملا ) يحذف الياء الثانية التي بعدها الهمزة فقط .


{ وَ لاَ تَـسْـأَلْ } في قوله تعالى :
{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تَسْـألْ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }البقرة /119.

قرأها نافع مفتوحة التاء مجزومة اللام على النهي ,
وفي النهي معنى التعظيم لما هم فيه من العذاب , أي لا تسأل يا محمد عنهم ,
فقد بلغوا غاية العذاب التي ليس بعدها مستزاد .

قال الشاطبي :
( وتسأل ضموا التاء واللام حركوا ــــ برفع خـلودا وهو من بعد نفي لا )
أي السبعة إلا نافع على القراءة بضم التاء واللام على النفي ,
فتعين لنافع القراءة بفتح التاء وإسكان اللام على النهي الذي هو ضد النفي .
ومن خصائص قراءة الامام نافع المدني :

قراءته : ( النبيء , النبيئين , النبيئون , الأنبئاء , النبوءة ) وماشابهه , بالهمز ,
مثال ذلك :

قوله تعالى : {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِـيـئُـونَ مِن رَّبِّهِمْ
لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة /136

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّـبِيـئِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ
وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }آل عمران /21

{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّـبِـيـئُونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ
وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء
فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة /44

{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَ نْـبِــئَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ
بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء /155

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوءَةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ
وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد /26

ولم يهمز قالون موضعين في سورة الأحزاب ورد فيهما همزتان مكسورتان , وذلك في قوله تعالى :
( وَٱمۡرَأَةً۬ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَہَا لِلنَّبِىِّ إِنۡ أَرَادَ ) الاحزاب/ 50
/وقوله تعالى :
( يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلَّآ أَن يُؤۡذَنَ لَكُمۡ ) الاحزاب/ 53

وذلك لأن مذهبه في الهمزتين المكسورتين هو تسهيل الاولى منهما
ولما أدى تسهيلها إلى الجمع بين الساكنين , أبدلها مثل ما قبلها ــ أي ياء ــ ثم أدغم ما قبلها فيها ,
وذلك حال الوصل ,
أما حال الوقف , فيرجع إلى أصله بالتحقيق .

وقراءة نافع جاءت على الأصل , من النبأ الذي هو الخبر , لأن النبي مُخبر عن الله تعالى ,
فهي تبنى على " فعيل " , بمعنى " فاعل " ,
أي منبئ عن الله تعالى بالوحي الذي يأتيه منه , فأصله بالهمز .

قال الشاطبي :
( وجمعا وفردا في النبيء وفي النبو ــــ ءة الهمز كـل غير نافع أبـدلا )
( وقالون في الأحزاب في للنبي مع ــــ بيوت النبي الياء شدد مبدلا )
)
ومن خصائص قراءة إمامنا نافع أيضا:


قراءته { الصابئين } { الصابئون }
بترك الهمز حيث وردت ، وهي ثلاثة لاغير :
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } البقرة/62
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ
صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } المائدة/69
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ
يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج/17
فتقرأ { الصَّابُونَ } { الصَّابِينَ }

فهو إما خفف الهمزة على البدل ، أي أبدل منها في النصب ياء مكسورة ، وفي الرفع
واوا مضمومة ، فاجتمع ساكنان ، فحذف أحدهما .
والوجه الثاني : أن يكون من (صبا . يصبو ) إذا فعَلَ مالا يجب فعله كما يفعل الصبي
فيكون حذف لامه في الجمع في الاعتلال .

قال الشاطبي مشيرا إلى قراءة الجماعة بالهمز سوى نافع :
( وفي الصابئين الهمز والصابئون خذ )

ومن خصائص قراءة إمامنا نافع :

قراءته : { حَـتَّى يَـقُـولُ } برفع اللام , في قوله تعالى :
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم
مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ
مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } البقرة /214.

قال الشاطبي :
( ... وحتى يقول الرفع في اللام أوِّلاَ )

وعلى القراءة بالرفع , أي : وزلزلوا حتى الرسول يقول , أي حتى هذه حاله , وبالرفع قرأ
مجاهد والأعرج وابن محيصن وشيبة .
وفُسرت الآية على أن في الكلام تقديم وتأخير , والتقدير : " حتى يقول الذين آمنوا : متى
نصر الله ؟ فيقول الرسول : ألا إن نصر الله قريب , فقدّم الرسول في الرتبة لمكانته , ثم
قدم قول المومنين لأنه المتقدم في الزمان " .

قراءته : { عَسِـيتُمْ } بكسر السين , في قوله تعالى :
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيءٍ لَّهُمُ
ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسِـيتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ
وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ
إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }
البقرة /246

وقوله تعالى :
{ فَهَلْ عَسِـيتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } محمد /22.

قال الشاطبي :
( ..... عسيتم بكسر السين حيث أتى انجلا )
أي المشار إليه بالهمزة من قوله : ( انجلا ) يقرأ بالكسر : { عسيتم } حيث وردت ,
والكسر لغة في " عسى " إذا اتصل بمضمر خاصة .


ا لمد في : { أنـا }

ــ اختص إمامنا نافع بمد ألف { أنـا } وصلا في القرءان الكريم , شرط أن تأتي بعدها همزة قطع .
وتأتي { أنـا } في القرءان الكريم على شكلين :
إما قبل همزة قطع نحو : { وأنا أول المسلمين } .
أو قبل حرف غير همزة قطع نحو : { إنما أنا نذير} .
فقبل همزة القطع وقع منها في القرءان الكريم خمسة عشر موضعا :

ـ موضعان قبل الهمزة المضمومة :
1) { قال أنا أحيي وأميت } البقرة / 258.
2) { أنا أنبئكم بتاويله } يوسف / 45.

ـ عشرة مواضع قبل الهمزة المفتوحة :
1) { وأنا أول المسلمين } الأنعام / 163.
2) { وأنا أول المومنين } الأعراف / 143.
3) { إني أنا أخوك } يوسف / 69 .
4) { أنا أكثر منك مالا } الكهف / 34.
5) { أنا أقل منك مالا } الكهف /39.
6) { أنا ءاتيك به قبل أن تقوم } النمل /39.
7) { أنا ءاتيك به قبل أن يرتد } النمل / 40.
8) { وأنا أدعوكم إلى العزيز } غافر / 42.
9) { فأنا أول العابدين } الزخرف / 81.
10) { وأنا أعلم بما أخفيتم } الممتحنة /1.

اختص نافع بإثبات ألف { أنا } وصلا دون سائر السبعة إذا أتى بعد
{ أنا } همزة قطع , سواء كانت مضمومة أو مفتوحة , واتفقت الروايات والطرق عنه على إثباتها عند همزتي القطع المضمومة والمفتوحة , وهي المذكورة آنفا .

وأما عند همزة القطع المكسورة , وهي ثلاثة مواضع :
1) { إن أنا إلا نذير وبشير } بالأعراف / 188.
2) { إن أنا إلا نذير مبين } بالشعراء / 115.
3) { وما أنا إلا نذير مبين } بالأحقاف / 9 .

فانفرد عنه قالون بإثبات الألف ورُوِي عنه حذفها كذلك , أي له الوجهان ,
وعلى إثباتها وصلا يكون مدّها من قبيل المنفصل فيقرأ حسب الوجه المقروء له به ,
وأما ورش فيحذف الألف وصلا عند الهمزة المكسورة .
وأما حال الوقف , فكل القراء متفقون على إثبات الف { أنـا } .

وأما ألف { أنـا } الواقع بعده حرف غير همز نحو : { أنا ومن اتبعني }
{ أناخير } ,وماشابهه , فتحذف الألف وصلا وتثبت وقفا لجميع القراء .

قال الشاطبي رحمه الله :
( ومد أنا في الوصل مع ضم همزة ــ وفتح أتى والخلف في الكسر بـجلا )

ومن خصائص قراءة نافع :

قراءته : { خطيئـاته } بالجمع في قوله تعالى :
{ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَاتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة/81
حمله على معنى الإحاطة , والإحاطة إنما تكون بكثرة المحيط .
بمعنى: " بلى من كسب شركا وأحاطت به كبائره فأحبطت أعماله , فأولئك أصحاب النار"

قال الشاطبي :
( خطيئته التوحيد عن غير نافع )
أي كل السبعة على القراءة بالإفراد سوى نافع .

ومن خصائص قراءة إمامنا نافع :

أنه يفتح كل ياء إضافة وليتها همزة قطع مضمومة ,
وجملتها عشر ياءات في القرآن الكريم هي :
{ إنيَ أعيذها } آل عمران /36.
{ إنيَ أريد } المائدة / 29.
{ فإنيَ أعذبه } المائدة / 115
{ إنيَ أمرت } الأنعام / 14.وبالزمر / 11. { عذابيَ أصيب به } الأعراف / 156.{ إنيَ أشهد } هود /54
{ أنيَ أوفي } يوسف / 59.
{ إنيَ ألقي } النمل / 29
{ إنيَ أريد } القصص / 27.

قال الشاطبي : ( وعشر يليها الضم مشكلا - فعن نـافع فـافـتح...)
وقراءة نافع بفتح هذه الياءات جاءت على الأصل , لأنها اسم المضاف إليه
وأصلها الحركة , والدليل على ذلك أنها كالكاف في " عليك و إليك "
و كالهاء في " إليه و عليه "
وهذه المضمرات لا تكون إلا متحركة , فكذلك ياء الإضافة , وإنما جاز
إسكانها استخفافا للحركة على الياء .

اختص إمامنا نافع بفتح ثمان من ياءات الإضافة الواقع بعدها همزة قطع مكسورة وهي :

{ من أنصاريَ إلى الله } في آل عمران/52 و الصف/14
{ بناتيَ إن كنتم} الحجر/71.
{ ستجدنيَ إن شاء الله } في الكهف/69 و القصص/27 و الصافات/102 .
{ بعباديَ إنكم } الشعراء /52.
{ لعنتيَ إلى } ص/78.

قال الشاطبي رحمه الله :
( بناتي وأنصاري عبادي ولعنتي ---- وما بعده إن شاء بالفتح أهملا )
أشار رحمه الله إلى أن نافعا المرموز إليه بالهمزة في قوله : ( أهملا )
فتح هذه الياءات المذكورة , وقصد بقوله : ( وما بعده إن شاء ) موضع الكهف والقصص والصافات المذكورة آنفا . فهو فيها على أصله وقاعدته العامة في ياءات الإضافة الذي هو الفتح إلا ما استثنى من ذلك .

ومن خصائص قراءة إمامنا نافع :

قراءته : { مَـيْسُـرَةٍ } بضم السين , في قوله تعالى :
{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسُـرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
البقرة /280.
والضم والفتح لغتان فصيحتان , وبالضم قرأ مجاهد وابن محيصن وشيبة وعطاء وحميد والحسن , وهي لغة هذيل .
قال الشاطبي :
( وميسرة بالضم في السين أصلا )
أشار رحمه الله إلى قراءة نافع بالضم بهمزة ( أصلا )
فتعين للباقين القراءة بفتحها .

ومن خصائص قراءته :

قراءته : { تَـرَوْنَهُـم } بالتاء على الخطاب , في قوله تعالى :
{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ تَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ }آل عمران/13.
وناسبت القراءة بالخطاب ما قبله , وهو قوله تعالى : { قد كان لكم آية في فئتين التقتا } , وحسن أن يكون الخطاب للمسلمين , والهاء والميم للمشركين , فخاطب ثم عاد إلى الغيبة في قوله { مثليهم } وهو في القرآن وكلام العرب كثير , ويحتمل أن يكون الضمير في { مثليهم } للمسلمين , أي : ترون المسلمين مثلي ما هم عليه من العدد , لتقوى أنفسهم على لقاء العدو , ويحتمل أن يكون للمشركين , لأنهم كانوا ثلاثة أمثالهم , فقللهم الله في أعينهم ليجسروا على لقائهم .
يؤيد ذلك قوله تعالى :
{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ }الأنفال /44.

قال الشاطبي مشيرا إلى أن مدلول " الخاء " من ( خـص ) وهم كل القراء قراءتهم بالغيب سوى نافع :
( ... وترون الغيب خُـصَّ وخُـلِّلاَ ).
ومن خصائص قراءة المدني :

أنه سـهّـل الهمزة التي هي عين الفعـل وصلا ووقـفا في :
{ أرءيتكم } و { أرء يـتـم } و { أرءيـت } و { أ فـرء يـت } و { أرءيتـك }
وشبهه ,
إذا كان قبل الراء همزة ــ أي همزة الاستفهام ,
استثقل اجتماع همزتبن في فعل واحد مع اتصال الفعل بضمير , فخفف الثانية بين بين .
ولإمامنا ورش وجـه ثـان , وهو إبدالها ألفا . ومثال ذلك في بعض الآيات :

{ قُلْ أَرَأَْيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ
إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } الأنعام/40
{ قُلْ أَرَأَْيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ
غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ }الأنعام/46
{ قَالَ أَرَأَْيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ
إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً }الكهف/63
{ أَفَرَأَْيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَّكَّرُونَ }
الجاثية /23 .
{ قَالَ أَرَأَْيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ
ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً }الإسراء/62 .

قال الشاطبي :
(أرأيت في الاستفهام لا عين راجع ـــــ وعن نافع سهل وكم مبدل جــلا )

أشار إلى قراءة الكسائي بإسقاط الهمزة في هذه الكلمات وإلى قراءة
نـافع ووجه الإبـدال لورش كما تقـدم , فتعين لباقي القراء إثبات الهمزة
محقـقة , وإذا وقف حمزة سهل الهمزة .


قراءته : { أنِّي أخْلُقُ } بكسر الهمزة , وذلك في قوله تعالى :

{وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ
إِنِّيَ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائِراً بِإِذْنِ اللّهِ
وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ
فِي بِيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران /49.

جعل الكلام مستأنفا , مبتدأ به , فكسر " إن "
ويجوز أن تكون " إن " وما بعدها تفسيرا لما قبلها , مثل قوله تعالى:
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ } ثم فسَّر التمثيل بينهما فقال :
{ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }آل عمران /59.

قال الشاطبي مشيرا إلى قراءة نافع :
( وبالكسر إني أخلق اعتاد أفضلا )

( والله تعالى أعلم )

ومن خصائص قراءته كذلك :

قراءته : { طَـائِـرًا } في نفس الآية السابقة , بألف وهمزة على التوحيد , على تقدير :
" فأنفخ في الواحد منها فيكون طائرا " .
وكذلك قراءته في موضع المائدة , في قوله تعالى :

{ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَائِراً بِإِذْنِي
وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }المائدة /110 .

قال الشاطبي :
( وفي طائرا طيرا بها وعقودها ــــــ خـصوصا ........ ) .

أشار رحمه إلى أن مدلول " الخاء " من " خـصوصا " وهم كل القراء سوى نافع ,
قراءتهم بالجمع في الموضعين , ونافع بالإفراد في الموضعين .

ومن خصائص قراءة الإمام نافع :

قراءته : { يـُحْـزِنـكَ } وما شابهه , بضم الياء وكسر الزاي حيث ورد .كقوله تعالى :
{وَلاَ يُحْـِزنـكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ
وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }آل عمران / 176.
و{ لَـيُحْـزِنُـنِيَ } في قوله تعالى :
{ قَالَ إِنِّي لَـيُحِْزِنُـنِيَ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } يوسف/13
و{ لِـيُحْـزِنَ الَّـذِيـنَ }في قوله تعالى :
{ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيُحْزِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }المجادلة /10 .
كل ذلك بضم الياء وكسر الزاي ,
إلا : { لا يَحْزُنُهُم } في قوله تعالى :
{ لَا يَـحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الأنبياء /103.
فإنه فتح الياء وضم الزاي مثل سائر القراء .

جمع رحمه الله بين اللغتين . فقرأ في سائر القرآن بالضم , من" أحْزَنَ" يقال : أحزنت الرجل , إذا جعلته حزينا , فضُمَّت الياء في المستقبل لأنه رباعي .
وقرأ في موضع الأحزاب على اللغة الأخرى , من " حَـِزنَ الرجل , يَـحْزَنُ "
ومنه قوله تعالى :
{قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } البقرة /38.

قال الشاطبي :
( ........ ويحزن غير الأنبياء بضم واكسر الضم أحفلا )
أخبر رحمه الله أن المشار إليه بالهمز من ( أحفلا )وهو نافع , قرأ بالضم وأنه كسر ضم الزاي , سِـوَى حرف الأنبياء , كما تقدم .

ومن خصائص قراءة إمامنا نافع :

قراءته : { وإن كانت واحدة } بالرفع ,
وذلك في قوله تعالى :
{ يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ
وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةٌ فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ
فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ
آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً } النساء/11

اختص وحده بالقراءة بالرفع , جعل " كان " تامة , بمعنى : حدث ووقع ,
والتقدير : فإن وقع أو حدث إرث واحدة , أو حكم واحدة أو نحوه ,

قال الشاطبي :
( ... نافع بالرفع واحدة جـلا )


قراءته : { مَـدْخَلاً } بفتح الميم , في موضعين في القرآن الكريم :
في قوله تعالى :
{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مَّدْخَلاً كَرِيماً }النساء/31
وفي قوله تعالى :
{ لَيُدْخِلَنَّهُم مَّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ }الحج /59
فتح على المصدر , جعله مصدرا لفعل ثلاثي مضمر ,
بمعنى : " ندخلكم فتدخلون مدخلا "
ويجوز أن يكون { مدخلا } بالفتح , مكانا , أي يدخلكم مكانا , فيتعدَّى إليه
{ ندخلكم } على المفعول به , وحَسُنَ ذلك لأنه قد وُصِفَ بالكريم ,
كما جاء في قوله تعالى : { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } الشعراء / 58.

قال الشاطبي :
( مع الحج ضمُّوا مَدْخَلاً خَـصَّهُ .....)
أشار إلى أن المشار إليهم بالخاء من قوله : ( خصه )
وهم كل السبعة سوى نافع , ضموا الميم في الموضعين , فَتَعَيَّنَ لنافع الفتح وحده .


قراءته : { دَفْعُ اللهِ النَّاسَ } بكسر الدال وألف بعد الفاء المفتوحة : { دِفَاعُ }
في الموضعين , في قوله تعالى :
{ وَلَوْلاَ دِفاعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة/251
وفي قوله تعالى :
{... وَلَوْلَا دِفاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج/40

جعله مصدرا ل : " فاعَلَ " أو مصدرا ل : " فعَلَ " كقولهم : كتبت كتابا ,
كقوله تعالى : { كتاب الله عليكم } النساء /24
فتكون القراءتان بمعنى واحد .

قال الشاطبي :
( دفاع بها والحج فتح وساكن ـــــ وقصر خـصوصا ... )
أخبر أن القراء كلهم إلا نافعا على القراءة بفتح الدال وسكون الفاء دون ألف في الموضعين , فتعين لنافع القراءة كما لفظ بها , بكسر الدال وفتح الفاء وألف بعدها .

قراءته :{ وَالأُذْنَ بالأُذْنِ } { في أذْنَيْهِ } { أُذْنُ }
بإسكان الذال حيث وقع , والإسكان والضم , لغتان فصيحتان .

وذلك في قوله تعالى :
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذْنَ بِالأُذْنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة/45

و في قوله تعالى :
{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيءَ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذْنٌ قُلْ أُذْنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }التوبة/61

وفي قوله تعالى :
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذْنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }لقمان/7

وفي قوله تعالى :
{لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذْنٌ وَاعِيَةٌ }الحاقة/12

قال الشاطبي : (... وكيف أتى أذن به نافع تلا )
أي أن نافعا قرأ بالإسكان كيفما أتى هذا اللفظ , معرفا أو منكرا أو مفردا أو مثنى .

من خصائص إمامنا نافع :

قراءته { هَـذَا يَوْمُ } بنصب الميم , في قوله تعالى :

{قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمَ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً
رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }المائدة/119

جعل الإشارة ب: " هذا " لغير " يوم "
والتقدير : " هذا الذي اقتص عليكم يحدث يوم ينفع الصادقين صدقهم ,
أي سيقوله ذلك اليوم , وأفعال الله تعالى التي يخبر عنها بمنزلة الكائنة ,
لذلك يخبر عنها بلفظ الماضي , وهو كثير في القرءان .

قال الشاطبي :
( ويـوم برفع خـذ ........)
أي قرأ برفع الميم جميعهم إلا نافع .
ومن خصائصه :

قراءته :{ سَبيلُ الْمُجْرِمِينَ } بنصب اللام .
جعل : { لِتَسْتَبينَ } خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم ,
و { سَبيلَ } مفعول به .
في قوله تعالى :
{وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ }الأنعام55

قال الشاطبي :
( سبيل برفع خـذ ....... )
ويُُعْلَمُ انفراده بالنصب من الضد ,
إذ كلهم على الرفع , فتعين له النصب .

قراءته : { وخَرَقُوا } بتشديد الراء
في قوله تعالى :
{وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَّقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ }الأنعام/100

شَدَّدَ على التكثير لكفرهم , ومطابقة لقولهم العظيم لما ادعوا لله البنات ,
سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .

قال الشاطبي :
( ... وخرَّقوا بتثقيله انجلا )
أشار رحمه الله إلى أن المرموز له بالألف من ( انجلا )
وهو نافع تميز من بين الجماعة بقراءته بالتشديد .

قراءته : { محياي } بالإسكان بخلاف عن ورش ,
وفتح { مماتي } .
في قوله تعالى :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَآيْ وَمَمَاتِيَ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام/162
قال الداني :
كان ورش يروي عن نافع الإسكان في { محياي } ويختار لنفسه الفتح .
وتقدم تعليل الفتح في ياءات الإضافة في الصفحة الثانية .

قال الشاطبي :
( ومحياي جئ بالخلف والفتح خوِّلا )
وقال :
( مماتي أتى ........ )
أي المشار إليه بالجيم من : ( جئ ) وهو ورش ,
اختلف عنه بين الفتح والإسكان في { محياي }
والجماعة وهم مدلول الخاء في ( خولا )على الفتح سوى نافع .
ثم أشارفي سياق ذكره للفتح إلى أن نافع فتح { مماتي }
وهو المرموز له بالهمزة من ( أتى )


قِرَاءَتُهُ : { خَالِصَةً } بالرفع ,
في قوله تعالى :
{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ
قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأعراف32

جعل { خالصة } خبرا ل: " هي " في قوله تعالى : { قل هي للذين آمنوا }
بمعنى : " قل الطيبات والزينة خالصة للمؤمنين في الآخرة "

قال الشاطبي :
( وخالصةٌ أصل .... )
أخبر أن نافعاالمشار إليه بالهمزة من قوله : ( أصل )
قرأ برفع التاء كما لفظها مرفوعة .
ومن خصائصه :

قراءته : { على أن لا } بفتح الياء مشددة ,
على تعدية { حقيق } إلى ضمير المتكلم ,
وأدغم ياء " على " التي تنقلب مع الضمير ياء في ياء المتكلم وفتحها .
وذلك في قوله تعالى :
{حَقِيقٌ عَلَىَّ أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ }الأعراف/105

قال الشاطبي :
( علىَّ على خصوا ..... )
أشار إلى قراءة الجماعة " على " بياء ساكنة تنقلب ألفا في اللفظ ,
وهم المشار لهم بالخاء من (خصوا )
وبقي نافع وحده على القراءة بياء مفتوحة مشددة كما لفظ بها في الأول .

قراءته : { يقتلون } بفتح الياء مخففا , في قوله تعالى :
{وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ
يَقْتُلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }الأعراف/141
وقراءته بالتخفيف من " قتل , يقتل " وهو يدل على القلة والكثرة .

قال الشاطبي مشيرا لذلك :
( ... وفي يقتلون خـذ ... )
يعني أن كل القراء إلا نافعا لهم التثقيل الذي ذكره قبل ,
فتعين لنافع القراءة بالتخفيف .

وقراءته : { بعذاب بيس } بياء ساكنةمن غير همز وكسر الباء قبلها
على وزن: عِيس
خفف الهمزة بالبدل بياء .
وذلك في قوله تعالى :
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ
وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }الأعراف/165

قال الشاطبي :
( وبيس بياء أمَّ ... )
أخبر رحمه الله بوجه قراءة إمامنا نافع المشار إليه بالهمز من { أم }


تفرده بقراءة : { لايتبعوكم } في قوله تعالى :
{وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتْـبَعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ }
الأعراف/193
و { يتبعهم } وفي قوله تعالى :
{وَالشُّعَرَاءُ يَتْـبَعُهُمُ الْغَاوُونَ }الشعراء/224
بإسكان التاء و فتح الباء مخففا
وهما لغتان , والمعنى واحد
وقال بعض أهل اللغة :
أتْبَعْتَ القوم : إذا سبقوك فأسرعت نحوهم
واتَّبَعْتَهُمْ : إذا ذهبت معهم ولم يستتبعوك
قال الشاطبي :
( ولا يتبعوكم خـف مع فتح بائه ـــــ ويتبعهم في الظلة احتل واعتلا )
أخبر رحمه الله بقراءة نافع المذكورة آنفا في الموضعين
وقوله : في الظلة , أي في سورة الشعراء


قراءته : { يَمُدُّونَهُمْ } بضم الياء وكسر الميم ,
في قوله تعالى :
{ وَإِخْوَانُهُمْ يُمِدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ }الأعراف/202
أي يزينون لهم الغي والكفر , وفيه لغتان : مد وأمد .

قال الشاطبي :
( يمدون فاضمم واكسر الضم أعدلا )
أي إقرأ للمشار إليه بالهمزة في ( أعدلا )
بضم فتحة الياء وكسر ضمة الميم ,


{ مُرْدَفِينَ } بفتح الدال , في قوله تعالى :
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدَفِينَ }الأنفال/9
وفتح الدال بمعنى : أن الذين قاتلوا يوم بدر ,
أُرْدِفوا بألف من الملائكة , أي أنزِلُوا إليهم لمعونتهم على الكفار ,


قال الشاطبي :
( وفي مردِفين الدالَ يفتحُ نافع )
ذكره هنا بصريح اسمه , وقراءته واضحة .


قراءته بنقل حركةالهمز إلى الساكن قبله في :

{ به ءالآن } و { ءالآن وقد عصيت }
في قوله تعالى :
{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ }يونس/51
{آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }يونس/91
تفرد نافع بالقراءة بفتح اللام من غير همز ,
أي أنه ينقل هنا بكماله حركة الهمزة إلى الساكن قبلها .
قال الشاطبي رحمه الله :
(...... ولنافع ــــــ لدى يونس ألآن بالنقل نقلا )

{ ردًا } بالقصص ,
في قوله تعالى :
{ {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدًا يُصَدِّقْنِي إِنِّيَ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ }القصص/34
اختص بنقل حركة الهمزة إلى الدال قبلها حال الوصل , ولم ينفرد حال الوقف .
قال الشاطبي :
( ونقل رداً عن نافع .... )

ونقل الحركة من وسائل تخفيف الهمز , وهو لغة من لغات العرب ,
استعمله نافع رحمه الله جمعا بين اللغتين .

{ غيابت } على الجمع : { غيابات } في الموضعين ،
في قوله تعالى :
{ قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَاتِ الْجُبِّ
يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } يوسف/10
وقوله تعالى :
{ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَاتِ الْجُبِّ
وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }يوسف/15
جمع لأنه يمكن أن يكون للجب غيابات
و يجوز حذف مضاف على أنهم ألقوه في إحدى الغيابات .
قال الشاطبي :
( غيابات في الحرفين بالجمع نافع )


وقراءته : { الرياح } بالجمع .
في قوله تعالى :
{ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّياحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ
لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ }إبراهيم/18
وفي قوله تعالى :
{ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّياحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ
إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }الشورى/33
قرأ بالجمع , على معنى أن الريح تأتي من كل جانب , فهي رياح .
قال الشاطبي :
( وفي سورة الشورى ومن تحت رعده *** خصوص ... )
أي كل السبعة سوى نافع , وهم مدلول الخاء ,
على القراءة بالتوحيد الذي ذكره قبل ذلك بقوله :
(والريح وحدا ) , فتعين لنافع القراءة بالجمع من الضد .


{ فبم تبشرون }
في قوله تعالى :
{قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ }الحجر/54
تفرد نافع بكسر النون مع تخفيفها ,
وأصله :" تبشرونني " حذفت النون الثانية للتخفيف ,
وكسرت لاتصالها بالياء , ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها .

قال الشاطبي :
( وثقل للمكي نون تبشرو ---- ن واكسره حرميا وما الحذف أولا )
أشار إلى أن مدلول ( حرمي ) كسرا النون
وتعين التخفيف لنافع من ضد التثقيل الذي ذكره للمكي ,
ثم أشار إلى أن النون المحذوفة لنافع هي الثانية لا الأولى .
وكذلك قرأ :
{ مفرطون }
في قوله تعالى:
{وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى
لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرِطُونَ }النحل/62
بكسر الراء , من "أفرط " إذا أعجل
أي أنهم معجّلون إلى النار , وسابقون إليها .

قال الشاطبي :
( ورا مفرطون اكسر أضا ....... )
أمر أن يقرأ بكسر راء " مفرطون " لنافع
وهو المشار إليه بالهمزة من ( أضا )
ومن ذلك قراءته :

{ من لدني } بضم الدال مع تخفيف النون المكسورة .
في قوله تعالى :
{قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِي عُذْراً }الكهف/76

والانفراد له في الجمع بين ضم الدال وتخفيف النون .
لم يأت بنون مع الياء , لأنه ضمير مخفوض , مثل : " داري "
وكُسرت النون لاتصالها بالياء .

قال الشاطبي :
( ونون لدني خف صاحبه إلى )
يعني أن مدلول " ص" و " أ " وهما شعبة ونافع خففا النون ,
ثم قال :
( وسكن وأشمم ضمة الدال صادقا )
فلما قرأ شعبة بالإشمام في الدال , تفرد كل منهما بوجه .

قراءته برفع اللام في :
{ مثقال حبة }
في موضعين , في قوله تعالى :
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً
وَإِن كَانَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }الأنبياء/47
وفي قوله تعالى :
{يَا بُنَيِّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ
أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }لقمان/16
أسند الفعل إلى المثقال .

قال الشاطبي :
( ومثقال مع لقمان بالرفع أكملا )
أي أن المشار إليه بالهمزة في ( أكملا )
قرأ برفع " مثقال " في الموضعين .


{ فتخطفه }
في قوله تعالى :
{حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء
فَتَخَطَّفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }الحج/31
بفتح الخاء وتشديد الطاء المفتوحة .
من الخطف , بناه على : تتفعل , تتخطف ,
حذفت إحدى التاءين للتخفيف , فصار : { فَتَخَطَّفُهُ }
قال الشاطبي :
( فتخطفه عن نافع مثله ... )
أي بالتثقيل مثل ما ذكر قبل ذلك من تثقيل .



و اختص بضم التاء وكسر الجيم في : { تهجرون }
في قوله تعالى :
{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تُهْجِـرُونَ }المؤمنون/67
بمعنى " الهُجْر " وهو الهذيان ومالا خير فيه من الكلام .
قال الشاطبي :
( وتهجرون بضم واكسر الضم أجملا )
وقوله : " واكسر الضم " أي ضم الجيم اكسره لنافع ,
وهو المرموز له بالهمزة من : (أجملا )
تابع القراءة Résumé abuiyad

روايات القرآن الكريم


نقلة القراءات من الصحابة


الصحابة الذين نقل القراء العشرة قراءتهم عنهم: عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وعبد الله بن مسعود وأُبَيّ بن كعب وزيد بن ثابت وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري. قال الذهبي في معرفة القراء الكبار : «فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأُخِذَ عنهم عرضاً، وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة. وقد جمع القرآن غيرهم من الصحابة كمعاذ بن جبل وأبي زيد وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر وعتبة بن عامر، ولكن لم تتصل بنا قراءتهم. فلهذا اقتصرت على هؤلاء السبعة ».

قال الزركشي في "البرهان": «قال أبو عمرو الداني في المقنع: أكثر العلماء على أن عثمان بن عفان لما كتب المصاحف جعله على أربع نسخ وبعث إلى كل ناحية واحداً، الكوفة والبصرة والشام وترك واحداً عنده. وقد قيل: أنه جعله سبع نسخ وزاد إلى مكة وإلى اليمن وإلى البحرين. قال: والأول أصح وعليه الأئمة». ويقول السيوطي في "الإتقان" : «أُختُلف في عدة المصاحف التي أَرسلَ بها عثمان بن عفان إلى الآفاق. والمشهور أنها خمسة. وأخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزيات قال: أرسلَ عثمان أربعة مصاحف. قال أبو داود: وسمعت أبا حاتم السجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف فأرسل إلى مكة، والشام، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وإلى البصرة، وإلى الكوفة، وحبس بالمدنية واحداً».

ولم يكتف عثمان بن عفان بإرسال المصاحف إلى الأمصار، وإنما بعث مع كل مصحف واحداً من الصحابة أو التابعين يقرئ من أرسل إليهم المصحف. وغالباً ما كانت قراءة هذا الصحابي توافق ما كتب به المصحف. فقيل أنه أمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب مع الشامي، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد القيس مع البصري. وهذا –لو صح– يرجح الرواية التي تنص على أن النسخ كانت خمسة لا سبعة.

هل يشترط التواتر لكل قراءة ؟
تواتر الأحرف التي تفردت بها بعض القراءات محل خلاف بين العلماء. وأما علماء السلف فلم يتعرضوا لقضية التواتر أصلاً. وهذا شيء مهم، فإذا لم ينص علماء السلف على تواتر بعض الأحرف التي شذ بها حفص، فلا يقبل من متأخر أن يدعي تواترها إلا بالدليل الصريح، وهو متعذر. وقد اختلف العلماء من بعدهم في مسألة التواتر إلى خمسة أقوال:

1. القراءات ليست متواترة بل هي آحاد. وهو قول المعتزلة.

2. القراءات العشر فيها المتواتر، وغيره. وهو رأي الشوكاني في "إرشاد الفحول". وهو الصواب إن شاء الله. وقد نقله ابن الجزري في "النشر" عن الأئمة.

3. أنها متواترة فيما ليس من قبيل الأداء. وهو قول ابن الحاجب وقد تبعه بعض الأصوليين، وهو ما صححه ابن خلدون في "المقدمة".

4. القراءات السبع متواترة عن القراء لا عن النبي (ص). وهو قول الزركشي في "البرهان"، وأبي شامة في "المرشد"، ونُقِلَ عن الطوفي.

5. الخامس : القراءات العشر متواترة إِلى رسول الله (ص). وهو قول أكثر المتأخرىن.

واشترط مكي بن أبي طالب في "الإبانة عن معاني القراءات" في وجه صحة القراءة: «أن ينقل عن الثقات إلى النبي (صلى 2.jpg)، ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن شائعاً، ويكون موافقاً لخط المصحف». وقال كذلك: «وإنما الأصل الذي يعتمد عليه في هذا: أن ما صح سنده، واستقام وجهه في العربية، ووافق خط المصحف، فهو من السبعة المنصوص عليها، ولو رواه سبعون ألفاً متفرقين أو مجتمعين. فهذا هو الأصل الذي بنى عليه في قبول القراءات».

وهكذا نرى أن الفكر الذي كان يشيع في القرون الأربعة الأولى لا يشترط التواتر في سند القراءة المقبولة، لكن يشترط صحة السند فقط. وبهذا استدل أبو القاسم النويري(شارح الطيبة)، وعلي النوري الصفاقسي (صاحب "غيث النفع في القراءات السبع") ومن تبعهما، على أن مكياً ممن يرون "صحة السند" لا "التواتر" شرطاً في قبول القراءة. لكنه يشترط موافقة الشائع من اللغة العربية، وهذا فيه نظر.

إذ نجد الداني يعتبر القراءة سنة لا تخضع لمقاييس لغوية، وإنما تعتمد الأثر والرواية فحسب. فلا يردها قياس، ولا يقرّبها استعمال. فيقول: «وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر، والأصح في النقل. وإذا ثبتت الرواية لم يردّها قياس عربية، ولا فشو لغة. لأن القراءة سنة متبعة، يلزم قبولها والمصير إليها». وما أبداه الداني لا يخلو من نظر أصيل. إذ القراءة إذا كانت مشهورة صحيحة السند، فهي تفيد القطع، ولا معنى لتقييد القطع بقياس أو عربية. فالعربية إنما تصحح في ضوء القرآن، ولا يصحح القرآن في ضوء العربية. والنحويون يحتجون بأبيات شعر جاهلي يرويه أعراب مجاهيل. فما بالك بما ثبت أن الرسول (ص) قد قرأ به؟ أما موافقة رسم المصحف العثماني (ولو احتمالاً) فهذا محل إجماع تقريباً. لأن ما خالف رسم مصحف عثمان، ليس من العرضة الأخيرة.

قال أبو شامة في كتابه "المرشد الوجيز": «ما شاع على ألسنة جماعة من متأخرى المقرئين وغيرهم، من أن القراءات السبع متواترة. ونقول به فيما اتفقت الطرق على نقله عن القراء السبع، دون ما اختُلِفَ فيه. بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق. وذلك موجود في كتب القراءات، لا سيما كتب المغاربة والمشارقة، فبينهما تباين في مواضع كثيرة. والحاصل أنّا لا نلتزم التواتر في جميع الألفاظ المختلف فيها بين القراء. أي بل منها المتواتر، وهو ما اختلفت السابق على نقله عنهم. وغير المتواتر، وهو ما اختلف فيه بالمعنى السابق. وهذا بظاهره يتناول ما ليس من قبيل الأداء، وما هو بقبيله».

قال الزركشي في "البرهان" عن القراءات السبعة: «أما تواترها عن النبي (ص)، ففيه نظر. فإن إسناد الأئمة السبعة بهذه القراءات السبعة موجود في كتب القراءات، وهي نقل الواحد عن الواحد، ولم تكمل شروط التواتر في استواء الطرفين والواسطة. وهذا شيء موجود في كتبهم. وقد أشار الشيخ شهاب الدين أبو شامة في كتابه "المرشد الوجيز" إلى شيء من ذلك».

قال الإِمام ابن الجزري في "النشر" : «كل قراءة وافقت العربية –ولو بوجه–، ووافقت أحد المصاحف العثمانية –ولو احتمالاً–، وصح سندها: فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها... هذا هو الصحيح عند الأئمة». ثم قال --: «وقولنا "صح سندها": إِنما نعني به أن يروي العدل الضابط عن مثله كذا حتى تنتهي. وتكون مع ذلك مشهورة –عند أئمة هذا الشأن الضابطين له– غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم. وقد شرط بعض المتأخرىن التواتر في هذا الركن، ولم يكتف فيه بصحة السند. وزعم أن القرآن لا يثبت إِلا بالتواتر، وأن مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن. وهذا لا يخفى ما فيه. وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف، انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم. ولقد كنت أجنح إلى هذا القول، ثم ظهر فساده». هذا ما ذكره الإِمام في نشره، وأجمله في نظمه الموسوم بـ"طيبة النشر في القراءات العشر" حيث قال:

فكل ما وافق وجه نحوى * وكان للرسم احتمالاً يحوى

وصح إسناداً هو القرآن * فهذه الثلاثة الأركان

وحيثما يختل ركن أثبت * شذوذه لو أنه في السبعة

وقد تحرر لجلال الدين السيوطي مع المقارنة فيما كتبه ابن الجزري في "النشر"، أن القراءات أنواع:

    الأول: المتواتر، وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب، عن مثلهم إلى منتهاه، وغالب القراءات كذلك.

    الثاني: المشهور، وهو ما صح سنده، ولم يبلغ درجة التواتر، ووافق العربية والرسم واشتهر عند القراء.

    الثالث: الآحاد، وهو ما صح سنده، وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر بالاشتهار المذكور، ولا يقرأ به.

    الرابع: الشاذ، وهو ما لم يصح سنده.

    الخامس: الموضوع.

    السادس: ما زيد في القراءات على وجه التفسير.

قال ابن الجزري : «ونحن ما ندعي التواتر في كل فرْدٍ مما انفرد به بعض الرواة أو اختص ببعض الطرق. لا يدّعي ذلك إلا جاهل لا يعرف ما التواتر؟ وإنما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين: متواتر، وصحيح مستفاض متلقى بالقبول، والقطع حاصل بهما».

وقال الشوكاني في "إرشاد الفحول" : «وقد ادُّعِيَ تواتر كل واحدة من القراءات السبع، وهي قراءة أبي عمرو ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وابن عامر. وادعي أيضا تواتر القراءات العشر، وهي هذه مع قراءة يعقوب وأبي جعفر وخلف. وليس على ذلك أثارة من علم! فإن هذه القراءات كل واحدة منها منقولة نقلا آحادياً، كما يعرف ذلك من يعرف أسانيد هؤلاء القراء لقراءاتهم. وقد نقل جماعة من القراء الإجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر وفيها ما هو آحاد، ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحدة من السبع فضلا عن العشر، وإنما هو قول قاله بعض أهل الأصول. وأهل الفن أخبر بفنهم».

فالذي عليه المحققون أنه لا يشترط التواتر لأنه لا دليل على اشتراطه، ولأن النبي (ص) كان يبعث آحاد الصحابة لتعليم القرآن، وكانوا يسمعون الآية من الصحابي فيعملون بها ويقرؤون بها في صلواتهم. وكذلك لا تشترط موافقة القراءة الصحيحة الثابتة للمشهور في اللغة العربية. فقد نزل القرآن بسبعة ألسن. وليس بالضرورة أن تكون هذه الألسن السبعة كلها مشهورة عندنا. وما اشتهر عند قبيلة، قد لا يشتهر عند أخرى. والله أعلم.

إن أسانيد القراءات تنقسم حالياً إلى أربعة أجزاء

    الجزء الأول: من المعاصرين إلى ابن الجزري. وهذا متواتر بلا شك. فأسانيد العالم الإسلامي إلى ابن الجزري اليوم بالآلاف. ولكن يظل لدينا إشكال، وهو أن ابن الجزري شخص واحد، وجميع أسانيد القراءات العشرة المتصلة بالسماع والعرض اليوم تلتقي عند ابن الجزري ثم يبدأ تفرعها من عنده أيضاً، فكيف تكون متواترة في طبقة ابن الجزري؟ وحل هذا الإشكال من وجهين:

1) أن تلاميذ ابن الجزري وهم كثيرون قد قرؤوا بالقراءات العشر على غير ابن الجزري، كما هو مدون في تراجمهم. ولو أن ابن الجزري شذ بشيء غير معروف عن غيره، لما قبلوه منه. فالإسناد –وإن اكتفي فيه تخفيفاً بذكر ابن الجزري لشهرته وإمامته وعلو سنده– إلا أنه كان معه معاصرون له كثر قرؤوا على شيوخه بما قرأ هو به. وهؤلاء المعاصرون لهم تلاميذ كثيرون تتفرع عنهم أسانيد عديدة تبلغ حد التواتر.

2) أن كتب القراءات المسندة لها أسانيد عديدة مبثوثة في الأثبات الحديثية تبلغ حد التواتر من غير طريق ابن الجزري. وهذه الأسانيد –وإن كانت بالإجازة المجردة عن السماع– إلا أنها مع انضمامها إلى الإسناد المتصل بالسماع المار بابن الجزري، تزيده قوة إلى قوته.


    الجزء الثاني: من ابن الجزري إلى أصحاب الكتب المسندة في القراءات العشر كلها أو ست أو سبع أو ثماني قراءات منها أو أقل أو أكثر، مثل كتاب التيسير للداني وكتاب الكامل للهذلي وكتاب الكفاية لسبط الخياط وكتاب الروضة لابن المعدل وكتاب المصباح للشهرزوري وأمثالها. وهذا القسم متواتر أيضاً على أساس أن ابن الجزري له أكثر من ألف إسناد في القراءات. وهذه الأسانيد ترجع إلى أكثر من خمسين كتابا مسندا في القراءات العشر، كل كتاب منها قرأ ابن الجزري بما تضمنه من القراءات على العشرات من شيوخه بأسانيدهم إلى مؤلفي هذه الكتب. وتفصيل ذلك موجود في كتاب النشر في القراءات العشر.


    الجزء الثالث: من مؤلفي الكتب المسندة إلى الرواة العشرين عن القراء العشرة (كل قارئ من العشرة عنه راويان) وهذا متواتر أيضاً. لأن كتب القراءات المسندة –كما ذكرنا– أكثر من خمسين كتابا، ولكل كتاب منها عدة أسانيد إلى كل راو من الرواة العشرين، تصل هذه الأسانيد إلى حد التواتر كما يستفاد من الكتب نفسها. وقد حقق اليوم الكثير من هذه الكتب التي هي أصول النشر، ووجد لها العديد من النسخ المخطوطة النفيسة. وهذه الكتب هي الأصول التي استقى ابن الجزري منها مادته في النشر.


    الجزء الرابع: من الرواة العشرين إلى النبي (ص). وهذا الجزء: منه ما توافق فيه الرواة العشرون أو مجموعة منهم يبلغون حد التواتر، فهذا لا إشكال فيه. وأكثر القرآن –بحمد الله– لا ينفرد فيه راو، بل يوافقه غيره من الرواة العشرين عن القراء العشرة. ومنه ما انفرد فيه راو أو عدد من الرواة لا يبلغ حد التواتر، وهو محل الإشكال...


فأحياناً ينفرد راو من هؤلاء الرواة العشرين بحرف، كانفراد حفص عن عاصم بقراءة قول القرآن {سوف يؤتيهم أجورهم} (النساء: 152) بالياء، بينما الرواة التسعة عشر الباقون قرؤوا هذا الحرف بالنون {سوف نؤتيهم أجورهم}. أو ينفرد قارئ من العشرة بحرف، كانفراد يعقوب بضم هاء {نؤتيهم} في الآية المذكورة (النساء: 152). أو ينفرد راو أو قارئ بأصل من الأصول، كانفراد البزي عن ابن كثير بتشديد التاءات في الفعل المضارع المحذوف إحدى التاءين تخفيفاً، نحو {وقبائل لتَّعارفوا}، {فتَّفرق بكم عن سبيله}، {ولا تَّجسسوا...} وأمثال ذلك. (والكلام السابق مأخوذ من الشيخ وليد بن إدريس وفقه الله).


سبب الاقتصار على القراءات السبع
وقال مكي بن أبي طالب: كان الناس على رأس المئتين (200هـ) بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، بالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، بالشام على قراءة ابن عامر، بمكة على قراءة ابن كثير، بالمدينة على قراءة نافع. واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمئة (300هـ)، أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار على السبعة –مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم– أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً. فلما تقاصرت الهمم، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به. فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة، وطول العمر في ملازمة القراءة، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحداً. ولم يتركوا مع ذلك نقل ما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي جعفر وشيبة وغيرهم... انظر فتح الباري (9|31).


== أي القراءات أصح وأصوب ؟ ==

وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع، ثم تليها قراءة ابن عامر وقراءة ابن كثير. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول إثارة من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.

فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص هذا. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتي أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.

الرويات القرآن الكريم

 - رواية قالون عن نافع
- رواية ورش عن نافع
- رواية حفص عن عاصم
- رواية شعبة عن عاصم  
- رواية أبي الحارث عن الكسائي
- رواية الدوري عن الكسائي
- رواية إدريس عن خلف البزار
- رواية إسحاق الوراق عن خلف البزار
- رواية ابن جماز عن أبي جعفر
- رواية ابن وردان عن أبي جعفر
- رواية ابن ذكوان عن ابن عامر
- رواية هشام عن ابن عامر   
- رواية البزي عن ابن كثير
- رواية قنبل عن ابن كثير
- رواية الدوري عن أبي عمر
- رواية السوسي عن أبي عمر   
- رواية خلاد عن حمزة
- رواية خلف عن حمزة
- رواية روح عن يعقوب الحضرمي
- رواية رويس عن يعقوب الحضرمي




تابع القراءة Résumé abuiyad

الإمام نافع المدني

اسمه ونسبه
 هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، مولى جَعْوَنة بن شَعُوب الشِجْعي، المقرئ المدني أحد القراء السبعة.
مولده

ولد في حدود سنة 70 من الهجرة، 690 م
البلد التي ولد فيها

قال الأصمعي، قال لي نافع: أصلي من أصبهان.

وقد أشار الإمام الشاطبي رحمه الله إلى أن الإمام نافع كان يسكن المدينة المنورة في قوله في مقدمة متن الشاطبية:

فَأَمّا الكَرِيمُ السِّرِّ فِي الطِّيبِ  نَافِعٌ فَذَاكَ الذّي اختَارَ المَدِينَةَ مَنْزِلًا
أهم ملامح شخصيته وأخلاقه

ذكر الإمام الجزري عن الشيباني قال: قال رجل ممن قرأ على نافع أن نافعاً كان إذا تكلم يشمّ من فِيهِ رائحة المسك فقلت له يا أبا عبد الله أو يا أبا رويم تتطيب كلما قعدت تقرئ الناس قال ما أمس طيباً ولا أقرب طيباً ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في فيّ فمن ذلك الوقت أشمّ من فيّ هذه الرائحة، وهذا ما أشار إليه الإمام الشاطبي في البيت المذكور آنفًا، وقال المسيبي قيل لنافع ما أصبح وجهك وأحسن خلقك قال فكيف لا أكون كذلك وقد صافحني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قرأت القرآن يعني في النوم، وقال قالون كان نافع من أطهر الناس خلقاً ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهداً جواداً صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة...
شيوخه

أخذ القراءة عرضاً عن جماعة من تابعي أهل المدينة عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وأبي جعفر القارئ وشيبة بن نصاح ويزيد بن رومان ومسلم بن جندب وصالح بن خوات والأصبغ بن عبد العزيز النحوي وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق والزهري، قال أبو قرة موسى بن طارق سمعته يقول قرأت على سبعين من التابعين قلت - أي الإمام الجزري -: وقد تواتر عندنا عنه أنه قرأ على الخمسة الأول...
تلاميذه

ظل الإمام نافع - رحمه الله - إمامًا للقراءة مدة طويلة، فكان تلاميذه الذين تلقوا عنه القراءة من الكثرة بمكان، فممن روى القراءة عنه عرضاً وسماعاً من أهل المدينة:

عيسى بن مينا قالون وهو الراوي المشهور صاحب الرواية المعروفة، وإسماعيل بن جعفر وعيسى بن وردان وسليمان بن مسلم بن جماز ومالك بن أنس وهم من أقرانه، وإسحاق بن محمد وأبو بكر وإسماعيل ابنا أبي أويس ويعقوب بن جعفر أخو إسماعيل وعبد الرحمن ابن أبي الزناد وغيرهم...
وممن روى عنه من أهل مصر

عثمان بن سعيد ورش وهو صاحب الرواية المشهورة - رواية ورش عن نافع - وموسى ابن طارق أبو قرة اليماني عبد الملك بن قريب الأصمعي وخالد بن مخلد القطواني وأبو عمرو بن العلاء وأبو الربيع الزهراني روى عنه حرفين وخارجة بن مصعب الخراساني وخلف بن نزار الأسلمي الليث بن سعد وأشهب بن عبد العزيز وحميد بن سلامة وغيرهم...
وممن روى عنه من أهل الشام

عتبة بن حماد الشامي وأبو مسهر الدمشقي والوليد بن مسلم روى عنه حرفاً واحداً وأرجلكم بالرفع وقيل جميع القرآن وعراك بن خالد وخويلد بن معدان...

كما روى عنه الكثير غير من ذُكر...

وقد أشار الإمام الشاطبي - رحمه الله - إلى قالون وورش اللذين رويا عن نافع في قوله بعد ان ذكر نافعًا:

وَقَالُونُ عِيسى ثُمَّ عُثْمَانَ وَرْشُهُم بِصُحْبَتِهِ الْمَجْدَ الرَّفِيعَ تَأَثّلَا
منهجه في القراءة

يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي أحد أعلام علم القراءات المعاصرين:

قراءة نافع متواترة، وليس أدل على تواترها من أنه تلقاها عن سبعين من التابعين، وهي متواترة في جميع الطبقات. ولا يقال: إنها أحادية بالنسبة للصحابة؛ لأنه ليس معنى نسبة القراءة إلى شخص معين - أن هذا الشخص لا يعرف غير هذه القراءة، ولا أن هذه القراءة لم ترو عن غيره، بل المراد من إسناد القراءة إلى شخص ما أنه كان أضبط الناس لها، وأكثرهم قراءة وإقراء بها، وهذا لا يمنع أنه يعرف غيرها، وأنها رويت عن غيره.

- فقراءة نافع رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير من الصحابة ـ وإن أسندت لبعض الأفراد منهم لما تقدم - ورواها عن الصحابة كثير من التابعين، ثم روتها أممٌ إلى أن وصلت إلينا، وهذا التقرير يقال في جميع قراءات الأئمة العشرة..
ثناء العلماء عليه

قال الليث بن سعد: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة وإمام الناس في القراءة بالمدينة نافع.

وقال الأعشى: كان نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه إلا أن يقول له إنسان أريد قراءتك.

وقال الأصمعي: قال لي نافع تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفاً.

وقال مالك لما سُئِل عن البسملة: سلوا عن كل علم أهله ونافع إمام الناس في القراءة.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

وقال النسائي: لا بأس به.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال فيه ابن مجاهد: كان عالما بوجوه القراءات متبعًا لآثار الأئمة الماضين ببلده.

وقال أحمد: كانت تؤخذ عنه القراءة وليس بشئ في الحديث.

وقال الذهبي: وثقه غير واحد، وليس له رواية في الكتب الستة.

وقال عنه الإمام ابن كثير: انتهت إليه رئاسة القراءة في المدينة، أقرأ الناس دهرا طويلًا، وكان أسود اللون حالكا صبيح الوجه حسن الخلق.

وقال عنه ابن خلّكان: كان إمام أهل المدينة والذي صاروا إلى قراءته ورجعوا إلى اختياره، وهو من الطبقة الثالثة بعد الصحابة، رضوان الله عليهم، وكان محتسباً فيه دعابة.
وفاته

عن محمد بن إسحاق قال: لما حضرت نافعاً الوفاة قال له أبناؤه: أوصنا قال: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، وكانت وفاته سنة 169 هـ ، 785 م، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.

تابع القراءة Résumé abuiyad

مقدّمة تعريف بالقراءات العشر والقراء العشرة

إن علم القراءات القرآنية العشر هو من العلوم اّلتي أخذت حيّزًا من اهتمام كثير من

طلاب العلم وتعتبر قصيدة الشاطبية التي تحتوي سبعًا من هذه القراءات والدُّرَّة المضية

التي تحتوي تتمة القراءات العشر هي العمدة في تلقي هذه القراءات عند العديد من القرّاء.

ثم أتت طيبة النشر لتكون المنظومة الجامعة المانعة التي حوت الخير من أطرافه فجمعت

ماوجد في الشاطبية والدرة وأضافت عليها دررًا نفيسة مما غاب عنهما .

وتنقسم كل منظومة من هذه المنظومات إلى:

الأصول: والتي تحتوي الكيفيات التجويدية لكل قارئ، والتي غالبًا ما تعتمد قواعد

مطردة تبنى عليها كل قراءة.

وفرش السور والآيات : الذي يحتوي تفصيل الخلافات في قراءة كلمات الآيات القرآنية،

والتي اختلف فيها القرّاء، والتي لا تضبط غالبا بقاعدة مطردة.


والشّاطبية هي : نظم ألفه الإمام الشاطبي الرعيني الأندلسي في القرن السادس الهجري

وضمنه ما ذكره أبو عمرو الداني في كتابه التيسير الذي كتبه في القرن الخامس الهجري

والذي حوى قراءات حققت شروط قبول القراءة عنده ونسبتها للقراء السبعة المعروفين

وكل قارئ ذكر عنه راويان، وهم على الترتيب:

في الشاطبية:

1 - نافع المدني : لّقب بذلك لأنه عاش في المدينة المنورة فهو قارئ المدينة، وراوياه: قالون ، ورش.

2 -ابن كثير المكي: لقب بذلك لأنه عاش في مكة المكرّمة فهو قارئ مكة:
وراوياه هما: البزّي )(أحمد) ، قنبل.

3- أبو عمرو البصري: ولقب بذلك لأنه عاش في البصرة وراوياه:

وهما: أبو عمر الدّوري، السّوسي(شعيب) .

4 -ابن عامر الشّامي : ولقب بذلك لأنه عاش في الشّام فهو قارئ:
الشّام وراوياه هما: هشام وابن ذكوان.

أما في الكوفة فاشتهر منها ثلاثة قراء:

1-عاصم: وراوياه هما شعبة وحفص.

2-حمزة: وراوياه هما خلاد وخلف.

3-الكسائي: وراوياه هما أبو الحارث والدّوري.

وأضاف الشاطبي في هذه القصيدة (الشاطبية أو حرز الأماني ووجه التهاني ) إليه بعض

الروايات والأوجه التي ثبتت عنده عن هؤلاء القراء ولم يثبتها أبو عمرو الداني مما تلقاه

الشاطبي عن شيوخه (النفزي، وابن هذيل الذي قرأ عليه التيسير) أو ما سمعه من شيوخ

آخرين وما ثبت عنده من نقول حققت شروط القبول.
أشهر من شرح الشاطبية مما بين أيدينا اليوم: السخاوي تلميذ الناظم ، أبو شامة
الدمشقي، الجعبري، الشيخ شعلة (شعلة على الشاطبية)، ابن القاصح، السيوطي؛ وهذه شروح قديمة.
ويوجد العديد من الشروح الحديثة من أشهرها: شرح الشيخ عبد الفتاح القاضي ،
البدور الزاهرة للشيخ عبد الفتاح القاضي (الذي يقرأ بمضمنه العديد من الشيوخ اليوم).
والدرّة هي:


تتمّة القراءات العشر المتواترة المقبولة، حيث إن هذه القراءات الثلاث كانت

معروفة ولربما كان يعتبرها البعض أشهر لكن ضعف الاهتمام ﺑﻬا ولم يتناولها علماء

القراءات. كما تناولوا السبعة فتناولها ابن الجزريّ وأكد ثبوﺗﻬا إلى قرائها وقبولها ،

وجمعها أوّلا في كتاب تحبير التيسير، حيث جمع الكتاب القراءات السبع حسب ما وجد في

التيسير، وأضاف لها القراءات الثلاث هذه . وقد نظم هذه القراءات الثلاث في قصيدة

الدرة المضية التي هي على نمط الشّاطبية من البحر الطويل ، حتى يسهل على الطالب

الذي جمع القراءات السبع من طريق الشّاطبية إكمالها حتّى العشر بقصيدة من نفس

الوزن.

أما قراء الدرة فهم:

1-أبو جعفر وأصله نافع، وراوياه: ابن وردان وابن جماز.

2-يعقوب وأصله أبو عمرو، وراوياه: رويس، روح.

3-خلف وأصله حمزة، وراوياه: إسحاق، إدريس.
وأشهر من شرح الدرة مما بين أيدينا اليوم: النويري تلميذ الناظم، والزبيدي؛ وهذان
أشهر الشروح القديمة.
أما الشروح الحديثة فكثيرة أشهرها: الرميلي في المنح الإلهية، والأبياري ، المخللاتي ،
الضباع، عبد الفتاح القاضي في الإيضاح، عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي.. وأغلبهم من علماء مصر المحروسة بإذنه تعالى، إضافة لعدد من شروح العديد من الشيوخ الأجلاء.

ملاحظة:

في قصيدة (الدرة) يذكر ابن الجزري ما يخالف كل قارئ به أصله، أما ما يوافقه فإنه لا يذكر.
تابع القراءة Résumé abuiyad
المرجوا إحترام حقوق صاحب المدونة © 2013 مدونة الجامع |